القائمة الرئيسية

الصفحات

الحرفيي الصباغ بين الشركة والجوطون

الحرفيي الصباغ بين الشركة وبين الحلال والحرام

السؤال : هل جوطون من حق صاحب البيت أم من حق الصباغ، وهل تعتبر رشوة ترشي به الشركات الحرفيين ليقتنوا بضاعتها وترويج لها ؟

الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى وبعد :

الجواب ومن الله أستمد العون والصواب
قال الله تعالى : { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون}

 أولا يجبب لمن ليس عنده إلمام بالعلم الشرعي أن يمسك لسانه عن الخوض في التحليل و التحريم
قال ابن مسعود -رضي الله عنه- : "من كان عنده علم فليقل به ، ومن لم يكن عنده علم فليقل : الله أعلم ، فإن الله قال لنبيه : ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ )"

قال ابن القيم -رحمه الله- في إعلام الوقعين :
" وقد حرم الله سبحانه القول عليه بغير علم في الفتيا والقضاء ، وجعله من أعظم المحرمات ، بل جعله في المرتبة العليا منها فقال تعالى : ( قُُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33.
فرتب المحرمات أربع مراتب :
وبدأ بأسهلها وهو الفواحش .
ثم ثَنَّى بما هو أشد تحريما منه وهو الإثم والظلم .
ثم ثَلَّث بما هو أعظم تحريما منها وهو الشرك به سبحانه .
ثم ربَّع ما هو أشد تحريما من ذلك كله وهو القول عليه بلا علم ، وهذا يعم القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه وشرعه" .

ماهي الرشوة : أن تعطي قيمة معينة لشخص لا يستحقها لأجل الحصول على شيء لا تستحقه أنت هذا يسمى رشوة
أو بصحيح اللفظ والعبارة : ابطال حق ، أو  إحقاق باطل

لهذا لُعِنَ الراشي والمرتشي وكل من شارك بها
أي أن إثمها يشمل الراشي والمرتشي والوسيط بينهما

والرشوة لا يمكن ان نقول عليها رشوة إلا إذا أعطيت على أساس أنها رشوة اي ابطال حق ، أو  إحقاق باطل

للمزيد من التوضيح :
الا كل مَنْ وَصَفَ (جوطون) أنه رشوة تعطى للصباغ
والرشوة حرام معلوم تحريمها بالضرورة من الدين

إسأله سؤال ما حجتك في نقل وصف جوطون (الهدية) من إسم هدية إلى إسم رشوة

لتبسيط السؤال :

عندما أُعْطِي لرئيسي  هدية ، فهذه الهدية تحتمل وتحتمل
أي يُحتمل أن تكون رشوة سميتُها هدية تمويها على الشرع
ويُحتمل أن تكون محض هدية إسمًا وحقيقةً
أي أن العبرة بالنية والقصد
فمتى كان القصد والنية أنها رشوة فهي رشوة لا هدية ومتى كان القصد والنية أنها هدية  فهي هدية لا رشوة

لأن العبرة بالمعاني والحقائق  لا بالألفاظ والمباني

إذن مادام أن القضية دخل عليها الإحتمال  وليس عندنا يقين بالقطع بأحد الإحتمالين ،فإن الأصل بقاء اللفظ على ظاهره ما لم يقم دليل صريح على خلافه ،أي أنها هدية لا رشوة
دلت عليه ثلاث  قواعد فقهية:
الأولى : إذا طرأ الإحتمال سقط الإستدلال
الثانية : بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت تغيره
الثالثة : اليقين لا يزول بالشك

فهذا جوطون سمَّته الشركة هدية
وذكرتْ مستحقه بالتعيين بقولها :
(هدية الا الصباغ )

فيبقى على أصله حتى تقوم البينة على خلافه

ولا سبيل لإخراجه عن أصله إلا بالرجوع الى الشركة
فتَطرح عليها هذ السؤال على الشكل التالي :

- هل هذه الهدية حق الصباغ سواء كان هو من اشترى الصباغة أو صاحب البيت هو من اشترها ، أم أن هذه الهدية من حق من اشترى الصباغة ؟

فإن قالت الشركة أن الهدية خاصة للصباغ في جميع الحالات فهو حق مشروع للصباغ لا ينبغي لصاحب البيت ان يطالب بها
وإن قالت الشركة أن هذه الهدية من حق من اشترى الصباغة ، فهذه الهدية حق مشروع لمن اشترى الصباغة ولا ينبغي لصباغ اغتصابه منه

وإن قالت الشركة أن هذه الهدية على الصباغ وصاحب البيت عليهما أن يتفقا ويتراضيا على من منهم له الحق فيها قبل بدأ العمل ، حينئذ على الصباغ وصاحب البيت أن يتفقا على من سيأخذ الهدية (جوطون) قبل أن بداية العمل

الى هنا حُلَّ الإشكال
لكن بقيت مسألة جوهرية مهمة

وهو أنه ولابد أن نراجع الشركة
في نقطة مهمة
وهي : هل قيمة  الهدية (جوطون) تحسبه الشركة داخل قيمة المنتوج أم تحسبه خارج قيمة المنتوج
فإن كانت القيمة المادية للهدية تحسبه الشركة داخل قيمة المنتوج ،فإن من اشترى المنتوج أحق بما فيه من الآخر

وإن كانت الشركة تحسب القيمة المادية للهدية  خارج قيمة المنتوج فإن الهدية للصباغ وبهذا تكون قد حُسُمت المسألة
في هذا الامر
تنبيه :
- لاكن إذا كان الصباغ يُدلس  لإقناع صاحب البيت أن يأتيه بمنتوج معين دون منتوج اخر لأجل أن يستفيد من أكبر عدد ممكن من جوطونالهدايا (جوطون )

- إذا أسرف في استعمال الصباغة لأجل الحصول على أكبر عدد من جوطون

- إذا كان يضيع الصباغ الصباغة بأي طريقة ممكنة من الطرق لأجل الحصول على أكبر قدر من جوطون

- إذا تعمد طلب علب التقسيط  لأجل الحصول على أكبر عدد من جوطون دون أن يُعلم صاحب البيت أن هناك علب كبيرة بأقل ثمن لاجل الحصول على الهدايا

في هذه الحالات المذكورة يكون هذا الصباغ غاشًا وظالما لصاحب البيت آكلا للمال الحرام، بغض النظر عن القول بتحريم جوطون أو حِلِّهِ

والله أعلم
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات